المتـــــــابـــعـــــــــــــــــــــون

الاثنين، 5 سبتمبر 2011

الفقر مر… لكن الحكــــاية أمر!!!!!!

يحكى أن طفلاً فقيراً كان يرتدي أحذية إخوته الذين أكبر منه، وكان هذا الطفل يشعر بالراحة في قدميه، وحرية في حركته… ولم يكن يجد في نفسه حرجاً من ذلك، إلا أنه أخذ يستشعر فيما بعد زملاءه في المدرسة يبحثون عنه بنظراتهم ليتفرجوا عليه وحذائه الطويل؛ فراح ذاك الطفل أول من يدخل الفصل… وآخر من يخرج منه؛ وعرف حينها كم نظرة العين قاسية… قاتلة… فيمكن أن تقول أكثر وأشد مما يقول اللسان… بل إن الذين رأوا وقالوا، لم يعد عندهم ما يقولونه… أما هؤلاء الذين يرون ولا يقولون فهم أكثر كلاماً وأشد إيلاماً…
كم دمرت تلك النظرة بيوت أناس آمنين، كم دفعت تلك النظرة أناساً إلى طرق أبواب أشخاص لئيمين، أدوا أدواراً أزاحوا بها ما كان مستوراً، ونهبوا ما كان يعين على الحياة أرواح بشر كانوا راضين بعيشة الكفاف.
ما أشبه حال الطفل بحال بلدة كان يهنأ أهلها بكفاف حالهم وإن لم نقل بفقرهم، لولا تبدل بعض القيم، ووجود أولئك الدائنين أصحاب اللافتات التجارية الذين أعلنوا خيراً وأضمروا شراً، ففي ريف لا يزيد تعداد سكانه عن 30 ألفاً راح مجموعة من ذوي الرؤوس الماكرة يستغلون عند الشاب خجله من فقره، وطموحه بحال جيدة حيناً، ولدى المزارع خوفه على محصوله، ولدى أرملة حرصها على صغارها أكثر الأحيان. فهؤلاء امتلكوا ابتسامات، وكؤوس ضيافة، وكلاماً معسولاً أخفوا فيه عواقب دعواهم، “غداً تبدأ بحصاد نتاج مشروعك وتبدأ بتسديد ما عليك من ديون، وتصبح الزير في مكتبك…” كلام يردده هؤلاء كي تقتنع بالاستدانة من عندهم بفوائد أقل ما يقال عنها “فاحشة”، إذ يتقاضوا على كل 100 ليرة 30 أخرى في كل حول يمر عليها!، وهذه نسبة تقتل كل أمل في سداد الديون لو أن العقل أعمل بها قليلاً، فكيف سوف تؤدى المليون ليرة إن كان ضريبتها السنوية 300 ألف ليرة، وكيف سيؤدى رقم دين أكبر من ذلك. أصحاب المحال التجارية تلك يعملون بواجهات قانونية وبرخص معترف بها، فهم-في معظم الأحيان- يبيعونك سيارة ثم يشترونها منك قبل أن تغادر عتبة المكتب، لكن بسعر ينقص عن ثمنها الحقيقي بـ 150  ألف ليرة سورية ويزيد، ويعطونك ثمنها -الذي لا تملك أصلاً منه شيء- نقداً بعد أن يكتبوا عليك سنداً ينوء عن سداده الكاهل، “فمن رهن لعقار، إلى رهن للمنزل، إلى بصمة للزوجة كي يتم جرجرتها إلى المحاكم في حال أنت أخلفت السداد…”.
القصص في ذاك الريف عن إفلاس أشخاص أغرب من قصة الإفلاس لبعض البنوك العالمية في الفترة الأخيرة، فلا تكاد تمر أيام إلا وتسمع أن أحد هؤلاء المرابين (الدائنين) قد حصد أرزاق زيد أو عبيد؛ نتيجة تراكم فاتورتهم في سداد الديون المستحقة، وليس آخر تلك القصص وأغربها أن رجلاً ممن تورطوا بالاستدانة من هؤلاء قد طرق باب جاره يستجديه رغيف خبز أو بيضاً لضيوفه؛ كناية عن خسارته كل يملك من عقار مساحته 20 ألف متراً، حتى بيته الذي كان ينتظره فيه الدائنون ليوقع على سند تمليكه إياهم.
  إلى متى سيترك شبابنا عقولهم خلف عواطفهم، وإلى متى سيبقى أصحاب النفوس الميتة يستغلون ذلك؟ أليس في دبلوماسية ذاك الطفل خير معين على فقر الحال وغيره، من أن ترتدي ثوباً لا يقي برد الحياة؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق